صاروخ..
قدمت نفسي للسكريتيرة وأخبرتها أن لدي ميعاد مع السيد المدير بخصوص صفقة المباني الترفيهية في المدينة الجديدة ، بكل أدب أخبرتني أن السيد المدير لديه إجتماع مع أناس مهمين وقد طلب منها إعلامي بذلك و أنه سيكون تحت إشارتي متى ماإنتهى لقاؤه المهم ذاك ، وصحبتني إلى قاعة إنتظار من الطراز الملوكي وسألتني عن ما أشرب قلت ..قهوة
قالت..في الحال سيدي تفظل
جلست وعيناي لا تفارقان حذاء الكعب العالي ورنين خطواتها يعزف لحنا جميلا في أذناي ذاك اللحن غير النشاج الذي أسمعه من طقطقات أحذية نساء الحي أو شباشب أخواتي..ما أجمل أن تعزف مثل هذه الحواء الجميلة ألحانا صباحية يستفيق المرأ على إثرها مليئا بالنشاط والحيوية ليس كما يحذث كل يوم في حارتنا قوطة ياحمرا...قلقاس يا دوى للراس
وكلام كثير من هذا القبيل الكل ينادي على بضاعته بطريقته الخاصة ناهيك عن أصوات النساء
صباح الخير ياأمو محمد
صباح الخير يا حبيبتي
والنبي ما لقيش معاكي شوية عسل أصل الولد عتريس خاذ دور برد جامد
لا يا حببتي سلمتو ماكانشي ينعز بس إستني أم راوية عندها حجبلك منها
منحرمشي منك يا مو محمد
و الأدهى أنك في طريقك إلى خارج الحارة لا تفلت من بعض الشباب الضائع
أهلا يا بو حميد إزيك ما لاقيش معاك ربع جنيه سلف لحد ما تفرج
أناإسمي حسن مااسميش أبوحميد أساساحتفرج إزاي وفيها ناس زيك
المهم لا إعتراض على واقعنا الجميل ؛ لا أعلم لماذا أذكر كل ذلك ربما أنها الحسرة على الحال أو أنها الرغبة في الإنقلاب و التمرد على الواقع أو أنها بكل بساطة روح الجمال في تلك السكريتيرة التي فجرت في دواخلي ما عجزت عن ذكره وأنا أعرفه منذ ولادتي منعمق أفكاري المتمردة استفقت على نغمات صوتهامن جديد
تفضل القهوة سيدي المدير سيفضي إجتماعه بعد ربع ساعة...
ورحلت كما أتت أخرجت خلسة سيجارة من العلبة الرخيصة الثمن التي آثرت أن أعيدها بسرعة كي لا تراها وتحكم على فقر جيبي رشفت رشفة من فنجان القهوة وأشعلت السيجارة وغبت مع دخانها الذي يتلوى أمام عيني قبل أن يندثر في الهواء وكأنه يرقص ساخرا من حظي دخلت كلية الهندسة بمجموع مشرف لكني إصطدمت في الأخير بواقع مزري أكد طوال الوقت مقابل ملاليم وصاحب المكتب يربح الملايين شهريا..كل ما كان يشغل بالي طوال الوقت هو إيجاد فرصة لزيادة دخلي كي أجد سكنا وأترك غرفتي لأخواتي الثلاث اللآئي ضاقت بهن غرفتهن ..ربما كان هذا هو السبب أوربما هذاعلى الأقل ما كنت أريد إقناع نفسي به ، عموما ما كنت أريده هو الخلاص..و مرة ثانية رنت كلمات السكريتيرة الجميلة في أذناي لتنقذني من إحساس بالذنب بدأ يتسرب كالحية إلى داخلي إحساس بالجبن وقلة الحيلة
السيد المدير انتهى تفضل معي من فضلك
شكرا سيدتي
آنسة
آسف شكرا آنستي
ورقص قلبي وطربت جوانحي وأنا أهم بالدخول إلى مكتب السيد المدير طالعني وجه بدر منير غزال لا أعرف ما دخله
بالهندسة ..تعدل من هندامها بطريقة تبعث الريبة أي هندسة تلك التي كانت تقوم بها تلك التي كانت تقوم بها في الداخل جاءتني الإجابة بسيطة من فم المدير الشاب
البنت صروخ يا صاحبي مش كدة
ثلعتمت قليلا لكن الرجولة داخلي نطقت
إن كان على الصاروخ فهي صاروخ وقمبلة كمان بس....
قطعت كلامي خوفا من ضياع الصفقة إلا أن المدير أجلسني على كنبة وجلس بجانبي وأخرج علبة سجائر فاخرة قدم لي سجارة منها وقال
بص ياصاحبي إحنى شباب زي بعض البت دي كانت مجناني بس وقعتها بيني وبينك أنا كنت داخل لللعبة تحدي بس بنت الإيه جابت رجليا وحتجوزها الخميس الجي وأديك ياسيدي معزوم
ألف مبروك
الله يبارك فيك.
ياه ما أسهل الحياة عند هؤلاء.. ده أن لو حصل وفكرت أتجوز لازمني أشتغل خمسين سنة وأطلع عالمعاش وأروح أشحث في إشارات المرور عشان أغطي مصاريف الجواز..ياه لاحظ المدير أنني أمعن النظر في دخان سجارتي الراقص فبادرني بالقول
عقبالك
ضحكت ضحكة عاجزة عن الخروج للوجود غير أنها ناطقة بما في داخلي
ربث على كتفي وقال
فكها يا بو علي بكرة تفرج
قلت يا رب
ومباشرة دخلنا لعالم الجد وعرضت عليه التصاميم التي سهرت عليها شهرا بلياليه فأعجبته والغريب أنني كنت أظن أن محاولتي ستبوؤ لا محالة بالفشل نظرا لأنني لست من المهندسين المعروفين ولم آتي بتوصية من أحد إذ أن تصميماتي هته كانت بمثابة تجربة أحببت أن أظهر لنفسي أنه من الممكن أن يستقبلني صاحب شركة كبيرة كهته ...
بس يا بو علي عندنا مشكلة صغيرة
نظرت إليه وقد وقع قلبي من مكانه
إيه هي حضرتك
ما حدش ممكن يخلي التصميمات دي حقيقية إلا اللي رسمها يبقى سعدتك لازم تبقى المسؤول عليها
إزاي حضرتك
تشتغل معانا
يعني أسيب الشغل بتاعي
هما بيدوك كام
حولي ثمنميا وخمسين جنيه
طب إيه رأيك تمسك الشغل معانا وتاخد خمستلاف
خمستلاف إيه حضرتك
ستلاف جنيه ياسيدي وبلاش حضرتك دي بتخنقني أناإسمي شريف
حاضر
هو إيه اللي حاضر
شريف لا قصدي الستلاف لا الشغل
إنفجر ضاحكا من إرتباكي وشد على يدي وقال
نقول مبروك
مبروك
بكرة الصبح تيجي تستلم مكتبك أهلا بيك يا ريس تصاميمك هايلة يلا مستني إيه قوم روح بس فوت على قسم الحسابات حتلاقي شيك بإسمك روح إشتريلك كام بذلة شيك لزوم الشغل
لم أقل شيئا وكأني أنتظر من يوقضني من حلم حلو ، مد شريف لي يده وقال لي ثانية أهلا بيك
سلمت عليه وحملت حقيبتي ولفافة التصاميم وخرجت كالمنوم مغناطيسيا لم أستفق إلا بعد أن شنفت أنفي رائحة البارفيوم المنبعثة من السكريتيرة الجميلة وسمعتها تقول لي برقة متناهية
مبروك عليك الوظيفة إن شاء الله تنبسط معانا إتفضل حضرتك قسم الحسابات الدور الثاني أول مكتب على إيدك اليمين
إبتسمت لها هذا ما تمكنت من فعله وتوا إلى ذلك المكتب تنفست الصعضاء وتأكدت أنني لم أكن أحلم ..يحق لي أن أعيش في بلدي بشكل لائق بي ...في نفس اليوم طلبت إجازة طويلة دون عوض يعني إستقلت من وضيفتي إستقالة مؤذبة ودعت معها أيام الحرمان وأدخلت آلامها طي النسيان .......
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق