الجمعة، 3 ديسمبر 2021

 نص من مجموعتي القصصية الجديدة اريد رايكم فيها شكرا اصدقائي..

كاميليا بحر الإسكندرية يتراءى من وراء نافذة الغرفة الكبيرة المطلة على الكورنيش وكأنها عيون لا تتعب من النظر إلى الأمواج التي تتشكل على هواها..الستائر تتراقص كلما لامسها نسيم البحر وتتهادى كراقصة معجبة برقصها تارة إلى داخل الغرفة وتارة إلى خارج الشرفة..أصوات منبهات السيارات تتناهى إلى مسامعي وكأنها تأتي من بعيد إحساس ينتابني دائما وأنا على مكتبي أراقب بحنو حروف قصتي على شاشة الكمبيوتر في غرفتي التي اعتز باللجوء إليها كلما تعبت من ضجة المشاكل وغمرتني هموم الحياة محراب أمارس فيه طقوس صلواتي المقدسة مكان هروب محبب لي اجد فيه بغيتي بعيدا عن كل شيء .. هروب يذكرني بهروب خالتي وابنائها الى شاطئ سيدي بشركلما ذاقت ذرعا بحرارة المحروسة..في غرفتي ومن خلال نوافذها أعيش في قلب البحر الذي يفتح صدره على مصراعيه ويكشف لي عن كل خباياه..بل يجعلني اكشف خبايا عقلي ويساعدني على التفكير للخروج من حالتي ..لا اعلم كيف ..كثيرا ما كنت أراقب باستغراب احمد زميلي في الجريدة إذا ما تعب أو أصابه ارق كتابة الأخبار يلجا إلى علبة سجائره ويأخذها بحذر إلى غرفة التدخين وكأنه فتى يأخذ حبيبته إلى مكان قصي لايراهما فيه احد ليشبع رجولته المبكرة من انوتثها البضة الصاهلة..لا اعلم كنت اشعر كلما اخذ العلبة بشيء من الغيرة رغم أني لم يسبق لي قط أن أظهرت أي شعور بالعكس لأنني بكل بساطة كنت احسب نفسي أحسن منه إذ لم أكن أدين بالعبودية لعلبة من ورق وتبغ ونيكوتين كلما صادفه عائق الا وجرى يلثم السيجارة تلو الأخرى وينتشي برقص دخانها الرمادي أمام عينيه..أنا كنت كلما تعبت واختلفت في عقلي المسائل جريت إلى غرفتي وفتحت النافذة على مصراعيها وراقبت البحروامواجه في صعود وهبوط وكأني بها صدر رجل يتنفس العشق الأبدي لامنا الأرض..وتمتد بي الدقائق والساعات وأنا ارقب تلك الحركات الجميلة لقطرات الماء المجتمعة الهائجة حتى يخيل لي أنني على ظهرها أو امخر عبابها كزورق الورق الذي كنت العب به على ضفة النيل مع والدي في أجازاته القليلة.. فأبي كان ضابطا في الجيش يومها كنا نسكن حي المهندسين قرب نادي الضباط مكان هادئ بأشجاره القديمة ومساكنه الجميلة الأنيقة وأناسه من الطبقات الراقية..تأخذني خيالاتي التي لا تنتهي كي اهرب من أفكار لا اسمح لنفسي بتركها تدخل دوامتي فتارة اغني بصوت مرتفع أغنية أفل نجمها منذ عشرات السنين لكن صوتي لا يحميني من أفكاري وتارة تجدني ارقب السيارات المارة من الشارع عبر نافذتي وأخرى تجدني اعد من واحد إلى عشرة فلا يبعدني ذلك كله ولا ينجيني من شبحه فما أن استسلم للعبة الأرقام تلك حتى أجدني انطق دونما قصد برقم تلفونه 1012277..يا الاهي كيف يسكنني بهذا الشكل المخيف كيف يخنقني إلى هذا الحد كيف يدخل علي أكثر خلواتي الحميمة..احتلال هو.. لا اعلم كيف ورطت نفسي في أمر كهذا..كلما جلس إلى مكتبه وغاص في أزرار حاسوبه أحسست بالراحة لا اعلم وكأنه وليدي وما يسعدني رايته فرحا..كنت أتصنع أمامه دائما عدم الاكثرات وكلما أطلت عيناه من وراء الحاسوب اغرق فيهما لكن سرعان ما انتصر على رغبتي في الغوص فيهما جميل أن يحس الإنسان أن لديه إحساسا لكن إلى متى عشت مدة طويلة كرجل لم أعط حق الفتاة لم العب مثل الفتيات ولم استطع قط ذلك فوالدي رجل جيش والجيش للرجال وكوني وحيدته ربما الزمني أن أكون الولد الذي لم يرزقه فعشت مثله أحب ما يحب وأتحين فرصة أجازاته كي أتعلم منه وكنت نجيبة لكن والدي مع ما كان يحمله من حزم وقوة كان لطيفا حنونا رائعا أسماني كاميليا لأنه كان يحب هذا النوع من الورود وكان دائما يردد لي قصة زواجه من أمي وكأنها وقعت منذ ساعات فقط يضحك بقلب مراهق يعترف لصديقه بامتلاك قلب حبيبته قال لي ذات مرة أتعلمين كيف حصلت على قلب أمك قلت لا يا أبي مع أني سمعت القصة ما يربو عن التسعين مرة قال لي كنت في محل زهور لأخذ باقة لامي في عيد ميلادها وكانت تحب زهور الكاميليا..ولم يكن بالمحل غير باقة واحدة منه وكانت في يد والدتك فسالت صاحبة المحل عن باقة أخرى فأكدت لي أن هذا الصنف انتهى فأخبرتها انه لعيد ميلاد أمي فتأسفت.. تعلمين أعدت النظارة السوداء لعيني كي لا يرى احد دمعتيقلت في خبت وماذا بعد يا بني جذبني برفق من ذراعي واكمل ما ان فتحت باب السيارة حتى وقفت والدتك وأعطتني الباقة وقالت كل سنة والست ولدتك طيبة من فرط ما شدني الامر لم اتكلم ولم افهم الامر الاوهي تبتعد بسيارتها ومن ذلك اليوم اصبحت اترصدها حتى عرفت عنها كل شيء وتزوجتها واتيت انت واسميناك كاميليا..كاميليا محمد علي ..غمرته بذراعي وكاني اشكره على ذلك سعيدة انا جدا لانني ثمرة حب شيق كهذا ..لطالما حلمت ان يحس هذا النذل الذي يجلس امامي كمومياء مثل احساس والدي بوالدتي.. لطالما انتابتني رغبة بدائية بالبكاء من قهرعينيه التي لا تحسان بوجودي واللتان تشعان بريقا غبيا كلما تهادت امامه هدير بشعرها الكستنائي وعينيها المزيفتان وقوامها الرشيق لا اعلم منذ ان جاءت الى قسم الاخبار تغيرت نظرته لي وسارت وراءها هي دونما انقطاع تعبت حقا من وضعي ولا اعلم كيف اتخلص من الاحساس بالالم الذي يعتصرقلبي لمجرد التفكيرانه من الممكن ان لايكون من حقي واني لن اعيش قصة الحب الرائعة معه والتي عاشها والداي ذاك ضرب من اوهام الحب والغيرة في هذا المكتب البقاء للأقوى والأقوى بيننا هي هدير..لا اعلم لماذا لكن بما انها محط اهتمامه فهي الرابحة كم أود أن تغرق هذه الفتاة المزيفة في بحر الإسكندرية أو أن تتوه في محطة من محطات القطار..كل ما واتته الفرصة اسمعها عبارات سخية لم يفعل ذلك قط معي بالرغم من أن في نظراته لي الشيء الكثير هل يتحداني هل يلعب بمشاعري الهذا الحد تخليت عن رجولتي المعهودة لأقع في شراك الأنوثة الغبية كيف أوقع نفسي في دوامة رجل لا يتحمل مسؤولية نظراته ..هراء ما أفكر فيه والأيام تتوالى متشابهة ادخل المكتب اشتعل واشحن نفسي بملاين الفولطات من الغيرة اتالم دون أن ارثي لحالي كلما حمل سيجارة أحسست أنني احترق داخلها وانه يلفني بها ويحيلني إلى رماد و دخان افرح تارة لعلمي أن الدخان يسير إلى جوفه واكره نفسي أخرى لأنني لم أتمكن من جعله يقلع عن هذه العادة السيئة الموت البطيء كموتي أنا بين نظراته لي وبين تعليقاته الرومانسية لهدير لن اقبل بها أنثى ثانية في حياته كيف وانا من احتضنت عينيه قبلها..


ليست هناك تعليقات: